
شارك الفريق مهندس وزير الصناعة والنقل في فعاليات منتدى “تمويل المناخ: أفريقيا تنمو خضراء”، بحضور طارق الخولي، نائب محافظ البنك المركزي المصري، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، وأحمد كجوك وزير المالية، والدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية.
وفي مستهل كلمته، أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية والنقل عن سعادته بالمشاركة في المنتدى الهام الذي يتناول موضوعًا يشغل الجميع حاليًا في إطار التغيرات المناخية التي يمر بها العالم، وتوفير التمويلات الخضراء لتسهيل حصول المصانع والمنشآت على تمويل لتوفيق أوضاعها وتبني السياسات الخاصة بتوفير الطاقة والاستخدام الأمثل للموارد.
وقال إن التحديات البيئية والمناخية المتزايدة التي يواجهها العالم تستدعي ضرورة إعادة النظر في أساليب التنمية المتبعة، وتبني نموذج جديد للنمو يستند إلى مبادئ الاستدامة والنمو الأخضر، بالإضافة إلى اهتمام مصر بعلاقاتها القوية بالدول الأفريقية وما توليه من أهمية للربط مع أفريقيا لما تمتلكه من موارد طبيعية كبيرة ولها دور محوري في صياغة مستقبلها الاقتصادي والبيئي.
تحديات التغيرات المناخية التي عانت منها مصر
واستعرض الوزير تجربة مصر باعتبارها جزءًا أصيلاً من القارة الأفريقية في التغلب على عدة تحديات جوهرية أهمها تحديات التغيرات المناخية التي عانت منها البلاد، حيث بلغت انبعاثات الغازات الدفيئة 300 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 0.6% من الانبعاثات العالمية خلال عام 2014. ومن قطاع النقل وحده كانت هناك انبعاثات قدرها 48 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. وقد رصدت الدراسات والتقارير الوطنية أن انبعاثات الغازات الدفيئة المعتادة ستصل بحلول عام 2030 إلى 124 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إذا لم توجد خطط نقل مستدامة وصديقة للبيئة. وهذا الأمر أثر سلبًا على المدن وصحة المواطنين مما استلزم قيام الدولة المصرية بوضع رؤيتها بتكامل وتضافر الخطط الوطنية للتنمية الشاملة والمستدامة والربط بين التخطيط على المستوى القومي والحضري والنقل المستدام لفتح آفاق تنمية جديدة تسهم في تخفيف الكثافة السكانية المتركزة حول الوادي والدلتا وتعزيز التنمية العمرانية وإقامة مدن حضرية جديدة تربط بينها وسائل نقل خضراء مستدامة.
وأوضح الوزير أنه انطلاقًا من هذه الرؤية كان التركيز على محور النقل الجماعي المستدام الذي يهدف إلى إنشاء شبكة متكاملة من وسائل النقل المستدام الأخضر. حيث ارتكزت مشروعات مترو الأنفاق والمونوريل والقطار الكهربائي الخفيف والأتوبيس الترددي السريع BRT في أكبر مدن القارة الأفريقية والشرق الأوسط وهي القاهرة الكبرى بالإضافة إلى مشروع إنشاء مترو الإسكندرية وتطوير ترام الرمل بمحافظة الإسكندرية حيث يسكنهم ما يزيد عن 30% من سكان الجمهورية. كما يتم تنفيذ خطوط القطار الكهربائي السريع الثلاثة بالإضافة إلى تطبيق أحدث النظم الخضراء بالموانئ المصرية عبر تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية وتطبيق نظام البيئة المستدامة ونظام التراكي الآلي والاعتماد على نظام إمداد السفن بالطاقة الخضراء (On shore Power Supply) مع تطبيق منظومة التخلص من المخلفات باستخدام أحدث المعدات الصديقة للبيئة. وقد أشار الوزير إلى أن تنفيذ مشروعات النقل الأخضر المستدام سيؤدي إلى تحول أكثر من 40% من مستخدمي وسائل نقل الركاب الأكثر تلوثًا مثل السيارات الخاصة والنقل العشوائي لاستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة، وكذلك تحول أنماط نقل البضائع نحو السكك الحديدية والنقل النهري مما سيساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 9 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030 بما يحقق نسبة خفض تبلغ 8٪.
الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة
وأكد الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تعملان على تطوير إطار عمل استراتيجي يدعم الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة ويعزز كفاءة استخدام الموارد وذلك إيمانًا بأن التنمية المستدامة هي السبيل لتحقيق التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. لذا كان محور الصناعات الخضراء ضمن الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة وفي مستهدفات استراتيجية مصر الصناعية لعام 2030؛ لذلك يعتبر توفير التمويل لتشجيع الصناعات الخضراء عنصرًا أساسيًا للدولة المصرية. وقد تعاونت وزارة الصناعة مع وزارة البيئة بعددٍ من المبادرات والمشروعات لتشجيع القطاع الخاص على تبني سياسات الاقتصاد الدائري مثل مشروع النمو الأخضر المستدام الذي يتم تطبيقه على مستوى محافظات الصعيد ومشروع رفع كفاءة المحركات الكهربائية في الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ومشروع رفع الوعي باستخدام نظم الخلايا الشمسية الصغيرة المرتبطة بالشبكة لخفض الانبعاثات الكربونية والاستفادة بالطاقة الشمسية الوفيرة الموجودة بالدول الأفريقية. كما يأتي كل ذلك بالتزامن مع إطلاق مصر لسوق الكربون الطوعي وتشجيع الشركات الصناعية على تداول شهادات الكربون عبر هيئة الرقابة المالية وتأهيل المجلس الوطني للاعتماد ليكون جهة اعتماد دولية بالشرق الأوسط.
وأشار الوزير أيضًا إلى أهمية التمويل المستدام كعنصر أساسي لتحقيق هذا التحول المنشود، مما يجعل هذا المنتدى منصة مثالية لالتقاء صانعي السياسات والمستثمرين والمؤسسات المالية لبحث أفضل السبل لتمويل المشاريع البيئية المبتكرة عبر آليات تمويل مبتكرة تمكن الشركات في قطاعات الطاقة والزراعة والتصنيع والبناء من تبني نماذج أعمال مستدامة؛ إذ تمثل هذه القطاعات المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي المستدام بمصر وأفريقيا.
وأضاف الوزير أن وزارة الصناعة قد تبنت تطوير أطر سياسية وتنظيمية تشجع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر منها تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير أراضي صناعية مرفقة عبر منصة مصر الصناعية الرقمية لتسهيل العمل للمستثمرين واتباع سياسات التحول الرقمي إضافةً إلى تقديم حوافز ضريبية للاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة وإنشاء صناديق تمويل متخصصة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة والمؤهلة للتصدير؛ مؤكدًا أن شراكات القطاع العام مع القطاع الخاص والمؤسسات المالية والمجتمع المدني تلعب دوراً حاسماً في نجاح هذه المبادرات كما تساهم مؤسسات مثل مؤسسة استدامة جودة الحياة للتنمية والتطوير بشكل فعال في تعزيز ثقافة الاستدامة وتحفيز الاستثمار الأخضر.
وفي ختام كلمته أكد كامل الوزير أن النمو الأخضر والتنمية المستدامة ضرورة ملحة تتطلب تضافر الجهود لبناء مستقبل تكون فيه أفريقيا نموذجاً عالمياً لمواجهة التحديات البيئية؛ مشيرًا إلى أن مصر ملتزمة بدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتشجع الجميع على اغتنام هذه الفرصة لبناء شراكات حقيقية لضمان مستقبل أفضل لأفريقيا لنعيش جميعاً في بيئة صحية ونبني اقتصاداً قوياً ومست sustainable ، ولنقم ببناء أفريقيا الخضراء التي تستحقها أجيالنا القادمة لنحول التحديات إلى فرص ولنجعل الآمال واقعاً مزدهراً.