برنامج علاجي واعد لخفض التوتر وتحسين نوم متعافي المخدرات

برنامج علاجي واعد لخفض التوتر وتحسين نوم متعافي المخدرات

برنامج علاجي مبتكر لدعم المتعافين من الإدمان

كشفت دراسة حديثة عن فاعلية تطبيق برنامج علاجي متخصص يعتمد على تقنيات خفض التوتر، وذلك في دعم المتعافين من تعاطي المخدرات والحد من خطر انتكاستهم. تأتي هذه الخطوة العلمية لتسهم في تعزيز جهود التعافي بشكل ملحوظ. وقد نالت نتائج الدراسة إشادة واسعة من العاملين في مجمع إرادة والصحة النفسية بجدة (مستشفى الأمل سابقًا) والمتخصصين في علاج الإدمان والاضطرابات النفسية، لما قدمته من نموذج علاجي متكامل يسهم في تحسين جودة الحياة لدى المتعافين واستقرار حالتهم النفسية والسلوكية.

تندرج هذه الدراسة ضمن رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث حامد الرفاعي من قسم علم النفس بكلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز، والتي جاءت بعنوان: “فعالية برنامج علاجي عقلاني انفعالي لخفض التوتر وأثره في تحسين جودة النوم لدى المتعافين من إدمان المخدرات”.

تهديد للتعافي من المخدرات

أوضحت الدراسة أن التوتر واضطرابات النوم تُعتبر من أكثر التحديات شيوعًا بين المتعافين، وتشكلان تهديدًا حقيقيًا لاستمرارية التعافي. وهذا يستدعي تدخلات علاجية فعالة تستهدف الأسباب النفسية الكامنة وراء تلك الاضطرابات. وقد اعتمد البرنامج العلاجي على منهجية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي، وهي إحدى أبرز نظريات العلاج النفسي الحديثة التي طورها العالم ألبرت إليس. حيث ركزت هذه المنهجية على تعديل المعتقدات والأفكار غير العقلانية التي تؤدي إلى توتر مفرط ومشاعر سلبية قد تُفضي إلى الانتكاس.

قام الباحث حامد الرفاعي بتطبيق البرنامج لمدة ثلاثة أشهر على عينة من المتعافين المقيمين في “منزل منتصف الطريق” التابع لمجمع إرادة، من خلال جلسات علاجية ممنهجة استخدمت تقنيات معرفية وانفعالية وسلوكية متنوعة.

تقنيات العلاج

تضمنت الجلسات التدريب على تقنيات معرفية مثل إعادة بناء البنية الفكرية وتشتيت الانتباه عن التفكير السلبي. كما تم التعرف على أنماط التفكير المشوهة وتحليلها، واستبدالها بأفكار واقعية وإيجابية تدعم التكيف مع متغيرات الحياة اليومية بعد التعافي. علاوة على ذلك، شملت الجلسات تقنيات الاسترخاء العضلي التدريجي والتخيل الانفعالي العقلاني، مما ساعد المشاركين على تقبل المشاعر السلبية بشكل صحي، مثل الإحباط المقبول والتسامح مع الذات، بدلاً من الانهيار أو الانتكاس.

دعم نفسي

لم تغفل الجلسات الجانب العملي من مهارات التكيف، حيث تم تدريب المشاركين على حل المشكلات من خلال محاكاة مواقف حياتية واقعية وتحليلها واقتراح حلول لها. هذا الأمر عزز من قدرتهم على التعامل مع التحديات اليومية بأسلوب عقلاني ومنظم.

أظهرت النتائج فاعلية واضحة للبرنامج في تحسين الحالة النفسية والجسدية للمشاركين. حيث سُجل انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر وتحسن كبير في جودة النوم لدى أفراد العينة التجريبية مقارنة بالمجموعة الضابطة. وهو ما يعزز مصداقية النموذج العلاجي كأداة دعم مستدامة في مراحل التعافي.

اختتم الباحث دراسته بمجموعة من التوصيات، أبرزها تعزيز استخدام البرامج العلاجية النفسية في مراكز التأهيل، وتطوير ممارسات الدعم النفسي التي تركز على جودة النوم والتوتر كعوامل رئيسية للحفاظ على التعافي.

يُذكر أن لجنة مناقشة الرسالة التي عُقدت يوم الأربعاء الماضي، تكونت من البروفيسور إبراهيم الحسن حكمي (مشرفًا ومقررًا)، والبروفيسور عبدالله المهداوي (مناقشًا داخليًا)، والبروفيسور أحمد المسعودي (مناقشًا خارجيًا). وقد أوصت اللجنة بإجازة الرسالة ومنح الباحث حامد الرفاعي درجة الدكتوراه في تخصص الإرشاد النفسي والتربوي بتقدير ممتاز.