
في تطور غير متوقع وصادم، أعلنت شركة ، إحدى أبرز العلامات التجارية في مجال الصناعات الغذائية والحلويات في مصر، عن توقف نشاطها بالكامل داخل البلاد، مما يشمل إغلاق جميع فروعها البالغ عددها 110 فرعًا، بالإضافة إلى المصانع والمنشآت التابعة لها، مما يهدد مصير نحو 25 ألف عامل مصري يعملون بشكل مباشر وغير مباشر ضمن هذا الكيان.
وفي نداء مؤثر وجهته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ناشدت الشركة القيادة السياسية بالتدخل الفوري لإنقاذ ما وصفته بأنه “كيان وطني متكامل”، مؤكدة أنها واجهت عراقيل غامضة تسببت في شلل تام لنشاطها، دون تلقي تفسير واضح أو إمكانية التواصل الفعّال مع الجهات الرسمية المعنية.
أزمة غير مفهومة.. وتعطل كامل رغم المحاولات
وجاء في بيان الشركة: “رغم محاولاتنا المستمرة للتواصل والبحث عن حلول عبر القنوات الرسمية، لم نتمكن حتى الآن من الوصول إلى مخرج واضح من هذه الأزمة… مما وضع الشركة والعاملين بها في حالة من الشلل الكامل.”
وأكدت “بـلبن” أن توقف نشاطها المحلي ينعكس بشكل مباشر على أنشطتها الإقليمية في الأسواق العربية، حيث تعتمد عمليات التوسع والتصدير بشكل كامل على البنية التشغيلية داخل مصر، مما يهدد خروجها من أسواق خارجية كانت قد نجحت في الوصول إليها خلال السنوات الماضية.
أرقام صادمة: 25 ألف عامل وسلاسل إمداد مهددة بالانهيار
بحسب بيان الشركة، فإن توقف النشاط لا يؤثر فقط على العاملين المباشرين وعددهم نحو 25 ألف موظف ومهني، بل يشمل أيضًا مئات الموردين والمصانع الشريكة وسلاسل التوريد التي تشكل بنية تشغيلية ضخمة داخل السوق المصري.
وأكدت الشركة أن كل يوم تأخير في معالجة الأزمة يعني المزيد من الخسائر والتهديدات للمنشآت، والعلاقات التعاقدية، ومقومات العمل الأساسية، مضيفة أن “بـ لبن ليست مجرد شركة، بل نموذج لنجاح مصري حقيقي بدأ من الداخل وامتد إلى الخارج”.
مطالب الشركة: لا نطلب إعفاء.. بل العدالة والفرصة للتصحيح
في لهجة يغلب عليها التضرع، شددت “” على أنها لا تطلب إعفاءً من المراقبة أو المحاسبة، بل فقط الحماية المؤسسية والعدل، مؤكدة استعدادها للخضوع لكافة أشكال الفحص والمراجعة من الجهات الرقابية.
وقالت الشركة: “ندرك أن أي كيان يعمل بهذا الحجم قد يقع في أخطاء… لكننا دائمًا مستعدون للمراجعة، والتصحيح، والتطوير، ونرحب بأي لجنة أو جهة رقابية تُرسلها الدولة.”
وطالبت بمنحها مهلة منطقية لتصويب أي ملاحظات أو تجاوزات يتم رصدها، كي تتمكن من العودة مجددًا إلى العمل وتوفير بيئة مستقرة لموظفيها ومورديها.
نداء إلى الدولة: لا تتركوا مشروعًا مصريًا ناجحًا ينهار
واختتمت “بـلبن” بيانها بنداء مباشر إلى رئيس الوزراء وكافة الجهات المعنية، مؤكدة أن المشروع يستحق الحماية باعتباره قصة نجاح وطنية بدأت من مصر ووصلت إلى العديد من الدول العربية، وأصبحت تمثل نموذجًا يحتذى به في ريادة الأعمال الصناعية.
“نرجو منكم الوقوف بجانبنا في هذه اللحظة الحرجة، حتى لا تضيع سنوات من الجهد، وحتى لا تُقطع أرزاق آلاف الأسر… ثقتنا في القيادة لا حدود لها.”
تحليل الأزمة: ما الذي يحدث في كواليس “بـلبن”؟
رغم عدم الكشف عن الأسباب الرسمية وراء توقف النشاط، فإن المراقبين يشيرون إلى احتمالات تتعلق بمشكلات تنظيمية أو ضغوط ضريبية أو تعقيدات تتعلق بتراخيص التشغيل، وهي تحديات شائعة تواجهها العديد من الشركات الكبرى في السوق المصري، خاصة في ظل التغيرات الهيكلية والتشريعية الأخيرة.
وفي ظل غياب بيان رسمي من الحكومة حتى الآن، يبقى المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات، أبرزها:
تدخل حكومي مباشر لإنقاذ الشركة ضمن آلية دعم الكيانات الوطنية.
فتح تحقيق شامل في أسباب توقف النشاط، مع توفير ضمانات لاستمرار التشغيل.
إعادة هيكلة النشاط داخل مصر بالشراكة مع جهات استثمارية أو سيادية.
هل تستجيب الدولة لنداء “بـ لبن”؟
تساؤلات كثيرة تدور الآن حول مدى استجابة الحكومة المصرية لهذا النداء، خصوصًا وأنه صادر من شركة تنشط في قطاع حيوي، وتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، كما أن اسمها بات معروفًا في الأسواق العربية، ما يمثل أحد وجوه القوة الناعمة الاقتصادية المصرية.
وبينما يترقب الشارع الاقتصادي الرد الرسمي، فإن الكثير من المستثمرين ورواد الأعمال يعتبرون مصير “بـلبن” اختبارًا مهمًا لمدى مرونة بيئة الأعمال في مصر، ومدى قدرة الدولة على حماية المشروعات الوطنية من الانهيار.
تشهد مصر أزمة اقتصادية صامتة جديدة مع إعلان شركة “بـلبن” توقف نشاطها بالكامل، وندائها العاجل للرئيس عبد الفتاح السيسي لإنقاذ آلاف العاملين والموردين المرتبطين بها. وتبقى الأنظار موجهة إلى الحكومة في انتظار رد حاسم يعيد الحياة إلى هذا الكيان الوطني، أو يفتح بابًا جديدًا للقلق في بيئة الاستثمار المحلية.