أونانا الكاميروني من الفقر إلى قمة المجد الرياضي

أونانا الكاميروني من الفقر إلى قمة المجد الرياضي

من قرية نكول نغوك الصغيرة في الكاميرون إلى قمة الكرة الأوروبية، لم تكن رحلة أندريه أونانا سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات والانكسارات التي استطاع تحويلها بعزيمته الحديدية إلى درجات نحو المجد.

في سن مبكرة، قرر أونانا التخلي عن مقاعد الدراسة والتمسك بكرة القدم كمنقذ وحيد من واقع صعب كانت تعيشه عائلته. كان يفضل مطاردة الكرة حافي القدمين في شوارع قريته الفقيرة بدلاً من الجلوس في الصف الدراسي، لم يكن ذلك مجرد عناد، بل كان إيمانًا راسخًا بأن مستقبله يُرسم بين القائمين وليس على الورق.

نشأ أندريه في بيئة لم تكن توفر الحد الأدنى من فرص النجاح، إلا أن روحه القتالية فاقت كل التوقعات. فقد كان يتبع شقيقه كريستيان لحضور التدريبات، حتى وإن تطلب الأمر السير لمدة 30 دقيقة وحده في طرق وعرة وخطيرة.

بداياته الكروية

بدأت مسيرته حين انضم لنادٍ مغمور في ياوندي، حيث كان يلعب حافي القدمين ويلف قطعة قماش حول إصبعه المصاب ليستمر في اللعب. قاد تألقه المبكر إلى أكاديميته التي أسسها النجم الكاميروني صامويل إيتو، وهناك لفتت موهبته انتباه كشافي أكاديمية لا ماسيا التابعة لبرشلونة.

في برشلونة، واجه أونانا تحديًا قانونيًا من الفيفا منعه من اللعب لمدة 18 شهرًا بسبب قوانين انتقالات القُصّر. ورغم ذلك، لم يستسلم أندريه لهذا الحاجز، واستغل تلك الفترة للعمل بصمت، مما أتاح له فرصة الانضمام إلى نادي أياكس الهولندي، حيث بدأ هناك فصلاً جديدًا في مسيرته الأوروبية.

الارتقاء إلى النجومية

في أمستردام، مر بمراحل متدرجة حتى أصبح الحارس الأول، بفضل ثقة أسطورة الحراسة إدوين فان دير سار الذي آمن بموهبته ومنحه الفرصة الكاملة. تألق أونانا وشارك في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2019، وكان أحد أعمدة الفريق الشاب الذي أذهل القارة العجوز.

إلا أن ذروة تألقه تخللتها صفعة كبرى حين أُوقف عن اللعب لمدة عام بعد أن ثبتت إيجابية اختبار منشطات بسبب تناوله دواء موصوفًا لزوجته عن طريق الخطأ. لم يشفع له جهله، إذ كانت القوانين صارمة، لكن حتى هذا الحظر لم يُنهِ مسيرته؛ فقد جرى تخفيض العقوبة إلى 9 أشهر بعد مراجعة القضية، وخلال هذه الفترة واصل التدريب، وحافظ على جاهزيته النفسية والبدنية بدعم من عائلته ووكلائه حتى عاد إلى المستطيل الأخضر من بوابة إنتر ميلان الإيطالي.

النجاح في إنتر ميلان

هناك، تقاسم المسؤولية مع الحارس المخضرم سمير هاندانوفيتش حتى أصبح الخيار الأول، وبلغ القمة حين وقف شامخًا في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي، حيث قدّم واحدة من أروع مباريات الحراسة في تاريخ البطولة رغم خسارة اللقب.

لم يكن موسم واحد في إيطاليا كافيًا لمانشستر يونايتد لدفع 47 مليون جنيه إسترليني وجعل منه ثالث أغلى حارس في العالم. ومع ذلك، لم تكن بداية أونانا في إنجلترا سهلة، فقد تراوحت مستوياته بين تألق حاسم وأخطاء مؤثرة، لكن عزيمته الذهنية وإيمانه بذاته لم يتزعزعا.

ورغم الشكوك التي تحيط بمستقبله في “أولد ترافورد” واحتمالات الانتقال إلى الدوري السعودي، يبقى أندريه أونانا نموذجًا للرياضي الذي يصنع المجد رغم قسوة الظروف، ويثبت أن الإرادة يمكنها أن تكسر كل الحواجز.