تعزيز التمويل المستدام يحتاج إلى استعداد رقابي ومرونة في التكيف مع المتغيرات

تعزيز التمويل المستدام يحتاج إلى استعداد رقابي ومرونة في التكيف مع المتغيرات

استكمل الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ونائب رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال، مشاركته في اجتماع مجلس إدارة المنظمة (الأيوسكو – IOSCO) المنعقد بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث شهد الاجتماع مناقشات مطولة حول كيفية تنظيم الأسواق المالية عالميًا وأولويات تحقيق ذلك في ظل التغيرات الاقتصادية التي تتطلب استعدادًا رقابيًا مستمرًا ومرونة مرتفعة.

فعاليات الاجتماعات السنوية الـ 50

جاء ذلك ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية الـ 50 للمنظمة والتي تستمر خلال الفترة من 12 وحتى 16 مايو الجاري، حيث يشارك الدكتور محمد فريد بصفته نائبًا لرئيس منظمة (الأيوسكو -IOSCO) ورئيسًا للجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC).

التزام هيئة الرقابة المالية بدورها في صياغة التوجهات الرقابية الدولية

تأتي هذه المشاركة في إطار التزام هيئة الرقابة المالية بدورها في صياغة التوجهات الرقابية الدولية وتعزيز تكامل أسواق المال المصرية مع المعايير العالمية، حيث شهد الاجتماع نقاشات حول ما تشهده الأسواق المالية من تحديات متزايدة على صعيد الابتكار التكنولوجي وتحولات سلوك المستثمرين وتطوير أدوات التمويل، كما ضم جدول الأعمال مجموعة من النقاط التي تسعى لتعزيز الحوكمة وتنظيم الأسواق عبر مختلف الدول الأعضاء.

سلطت نقاشات إدارة المنظمة الضوء على ملف التكنولوجيا المالية ومخرجات عمل فريق مهام التكنولوجيا المالية بشأن استخدام آليات الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى المراجعات الموضوعية حول تنفيذ توصيات المنظمة في هذا الصدد نظرًا لتسارع توجهات التحول الرقمي وتوسيع نطاق الحصول والوصول إلى الخدمات المالية وزيادة مشاركة الفئات غير المخدومة في أسواق الأوراق المالية، وضرورة التحقق من استيعاب الأطر الرقابية للتقنيات الناشئة دون الإضرار باستقرار السوق.

من جانبه قال الدكتور فريد إن استخدام التكنولوجيا المالية وتسارع وتيرة آليات التحول الرقمي بات ركيزة أساسية لتنمية أسواق المال، مشيرًا إلى أن التجربة المصرية في التطوير والرقابة والإشراف على الأسواق المالية غير المصرفية أثبتت أن الشمول المالي والاستثماري والتأميني قاعدة رئيسة لأي تطوير في القطاع المالي غير المصرفي.

ولفت إلى أن الاعتماد الكبير على الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يكون دافعًا لتقليل عدد الموظفين حاليًا، لذلك ينبغي أن تكون هيئات أسواق المال على دراية بهذا الأمر وأن تدير استخداماته بالشكل الأمثل خاصة فيما يتعلق بالسياسات والاستراتيجية. ربما يكون هذا أحد المكونات التي نحتاج إلى ربطها بالجهود الخاصة بالاجتماعات السنوية للمنظمة مع البيانات والاستطلاعات المثيلة لما تم إعداده وعرضه اليوم من قبل مارلين أمستاد رئيس مجلس إدارة هيئة الإشراف على الأسواق المالية السويسرية (FINMA)، موجهًا الشكر لها على ذلك الجهد. وأشار إلى أنه يجب البناء عليه عبر منظمة (الأيوسكو – IOSCO) بتأسيس قاعدة بيانات تساهم في حل المشكلات المتعلقة بتوافر البيانات نظرًا لأن كافة استخدامات التكنولوجيا تعتمد بشكل رئيسي على جمع البيانات ثم يأتي بعد ذلك التحليل.

وأشار الدكتور فريد إلى أنه دون التعرف على التطورات التكنولوجية لن نتقدم خطوة للأمام، فبناء القدرات أصبح عملية يسيرة بفضل سهولة الوصول إلى المعلومات. وشدد على وجود فرق بين نظام ذكاء اصطناعي عام يقدم الاستشارات الاستثمارية وبين الذكاء الاصطناعي التحليلي الخاضع للرقابة.

وأوضح رئيس هيئة الرقابة المالية خلال مداخلته أن مطوري البرامج المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والاستشارات الآلية بحاجة إلى القدرة على إجراء اختبارات الضغوط المتوقعة “stress testing” لهذا النوع من الأنشطة ومواجهة الظروف الطارئة والمعقدة بهدف زيادة الحماية ضد المخاطر المحتملة.

كما أوضح أن الاجتماعات التي انعقدت حتى الآن شهدت تبادل الخبرات بشأن العديد من القضايا والمسائل المؤثرة المرتبطة بأنشطة أسواق رأس المال عالميًا من منظور التنمية والرقابة الفعالة وأهمها كيفية العمل لتحقيق تكامل الجهود نحو مستويات أعلى من الاستقرار المالي وكيفية تعزيز أنشطة التمويل المستدام وكيفية وضع أطر تنظيمية للتعامل مع كافة المستجدات المرتبطة بالتكنولوجيا المالية وطبيعة عمل أسواق رأس المال.

وشهد الاجتماع عقد جلسة حوارية ناقشت تطورات الأسواق المالية العالمية خلال الفترة الماضية وتأثيراتها على سياسات الرقابة الفعالة والمخاطر النظامية والتغيرات الاقتصادية التي تتطلب استعداداً رقابياً متجدداً. ثم انتقل النقاش إلى ملف حماية المستثمرين الأفراد الذي يعد أولوية قصوى في ظل تزايد استخدام المنصات الرقمية لتقديم الخدمات المالية؛ وبحث مجلس إدارة المنظمة خطوات عملية تشمل إصدار توجيهات دورية لمزودي المنصات الرقمية لتعزيز مسؤوليتهم ضد تضليل واستغلال المتعاملين.

في إطار سعي المنظمة الدولية لهيئات أسواق المال (الأيوسكو – IOSCO) لتعزيز فعالية ممارسات التحوط المسبق في الأسواق المالية، شهد الاجتماع مناقشة تقرير تحديات الشفافية والتكافؤ في عمليات التداول بأسواق المال والذي تم إعداده استناداً إلى نتائج المشاورات مع جميع الأطراف ذات الصلة.

وشملت المناقشات بحث تحديث مهام لجنة الأعضاء المنتسبين (AMCC) والتي تمثل بورصات الأوراق المالية وغيرها من الكيانات ذاتية الرقابة لتعزيز دور هذه اللجنة في تقديم المشورة والمشاركة الفعالة في صنع السياسات بما يوسع دائرة التمثيل داخل المنظمة. كما تم عرض تقرير لجنة المالية والمراجعة حول القوائم المالية لعام 2024 والمساهمات غير المسددة انطلاقاً من الحوكمة والشفافية المؤسسية للمنظمة.

كما شهد الاجتماع عقد جلسة منفصلة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحضور كارمين دي نويا مدير الشؤون المالية والتجارية فيها حيث تم بحث سبل التعاون وتقاطع الجهود بين الجانبين فيما يتعلق بالتثقيف المالي وحوكمة السوق مما يعكس رغبة المنظمة في توسيع شراكاتها مع الجهات الدولية المؤثرة لتعزيز فعالية السياسات الرقابية وربطها بشكل مباشر بمراجعة المخاطر الإقليمية والدولية بهدف بناء جهود تنظيمية أكثر استجابة للتحولات المستجدة بأسواق المال العالمية.

جدير بالذكر أن هذه المنظمة هي منظمة دولية رفيعة المستوى تعمل على وضع الأسس والقواعد لعمل الأسواق المالية والمعايير التي تسعى كل دولة للاحتكام إليها بهدف ضمان عدالة وشفافية وكفاءة الأسواق وإدارة المخاطر المرتبطة بها. وتشمل عضوية المنظمة نحو 95% من مراقبي أسواق الأوراق مالية العالمين.