
أوضح محمود شكري، خبير أسواق المال، أن السوق المالي يعد من أكثر الأسواق حساسية تجاه الأحداث السياسية والقرارات الاقتصادية، حيث يتفاعل بسرعة مع أي متغيرات تطرأ عليه، وبصفة عامة فإن السوق يتأثر بشكل كبير بأي قرارات اقتصادية جديدة، خاصة وأن حوالي 70% من المتعاملين في البورصة المصرية هم أفراد، مما يجعل السوق عرضة للتقلبات السلبية والإيجابية على حد سواء، ويغلب على الأفراد الشعور بالخوف أو ما يُعرف بالذعر البيعي عند حدوث أي أحداث سلبية.
كما أشار إلى أنه خلال السنوات الأخيرة انتشرت شائعات متعددة حول نية الحكومة فرض ضرائب على أرباح رأس المال الخاصة بالمتعاملين في السوق، وقد كان لهذه الأخبار تأثير سلبي واضح على الاتجاه البيعي الجماعي بين الأفراد، بالإضافة إلى تحفظ المؤسسات التي تتبع سياسات مختلفة في التعامل مع الأزمات والأخبار وتكون أكثر حذرًا في عمليات البيع والشراء وفقًا لسياسات لجان الصناديق والمؤسسات المالية. لذا إذا اتجهت وزارة المالية نحو إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائيًا وتطبيق ضريبة الدمغة بدلاً منها، فإن ذلك سيساهم بشكل كبير في دعم السوق ويجب الإسراع بتنفيذ هذه الخطوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الحكومة تدرس إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية
من الجدير بالذكر أن وزير الاستثمار والتجارة حسن الخطيب صرح في سبتمبر الماضي بأن الحكومة تدرس إلغاء الضريبة المفروضة على معاملات البورصة، مشيرًا إلى أن ضريبة الدمغة المزمع تطبيقها ستكون “بنسبة قليلة”، واصفًا إياها بأنها “الأكثر ملاءمة للسوق وأقل تأثيرًا على المستثمرين عند تحصيلها من صافي الربح النقدي”، كما أنها ستساهم في تحقيق إيرادات ضريبية جيدة للدولة. وفي عام 2013 بدأت مصر بتحصيل ضريبة الدمغة وجمعت في العام الأول 350 مليون جنيه حين كانت قيمة تداولات السوق لا تتجاوز 500 مليون جنيه يوميًا. وعند إعادة تطبيقها في أعوام 2017 و2018 و2019 تم جمع نحو 354 مليون جنيه و583 مليون جنيه و729 مليون جنيه على التوالي.
تأتي هذه الخطوة وسط تباطؤ خروج الدولة من شركات مدرجة عدة ضمن برنامج الطروحات بسبب “عدم تلقي عروض بأسعار عادلة”، وفقًا لما صرح به رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي سابقاً. حيث اتجهت مصر مؤخرًا إلى سوق الأسهم لتسريع وتيرة بيع الشركات الحكومية سعيًا للحصول على تقييمات مرضية؛ إذ جمع “المصرف المتحد” المملوك للبنك المركزي المصري نحو 4.6 مليار جنيه (92.14 مليون دولار) جراء طرح 30% من أسهمه في ديسمبر الماضي.
وقد انتهت وزارة المالية المصرية من إعداد التعديلات المتعلقة بضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة، حيث تسعى لاستبدالها بضريبة الدمغة كبديل نهائي.
وأوضحت المصادر أن التعديلات الجديدة تخضع حاليًا للمراجعة في مجلس الدولة تمهيدًا لإرسالها إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها ضمن التعديلات التشريعية المنتظرة.
وكان من المقرر أن تبدأ مصلحة الضرائب بالتعاون مع شركة مصر للمقاصة بتنفيذ آلية احتساب وتحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية عن تعاملات عام 2024، بحيث يتم تحصيلها فعليًّا خلال موسم الإقرارات الضريبية في مارس/أبريل 2025 عبر المقاصة كجهة تنفيذية. لكن مع التوجه الجديد نحو الإلغاء الكامل لضريبة الأرباح الرأسمالية واستبدالها بضريبة دمغة ثابتة على التعاملات يبدو أن الحكومة تسعى لتبسيط آليات التحصيل وتقليل الأعباء المحاسبية عن كاهل المستثمرين وهو ما قد يسهم بشكل إيجابي في تعزيز تنافسية سوق المال المصري.
قبل أن تلغي الحكومة المصرية ضريبة الدمغة عام 2021 كانت قد قامت بخفض نسبتها بشكل كبير حيث تم تحديدها عند 1.25 بالألف لكل من البائع والمشتري غير المقيم و0.5 بالألف للبائع والمشتري المقيم. وقد شمل هذا التخفيض جميع عمليات بيع الأوراق المالية سواء كانت محلية أو أجنبية مقيدة بسوق الأوراق المالية أو غير مقيدة وذلك بناءً على إجمالي قيمة العملية دون السماح بخصم أي تكاليف بهدف تقليل الأعباء عن المستثمرين ودعم حركة التداول بالسوق.
تعليقات