
7/5/2025-|آخر تحديث: 7/5/2025 01:25 ص (توقيت مكة)
تعتبر بطولات صلاح الدين الأيوبي، القائد العسكري البارز الذي أسس الدولة الأيوبية واستعاد القدس بعد رد الحملات الصليبية، تجسيدًا لتربية مليئة بالتحدي والمنافسة، ما أهدى الأمة بطلًا مغوارًا قادها نحو انتصارات تاريخية.
نجم الدين أيوب: والدًا ومربّيًا
لم يكن نجم الدين أيوب، والد صلاح الدين، أميرًا فحسب، بل كان أيضًا أبًا ذو رؤية. فقد أدرك أن بناء شخصية عظيمة يتطلب توازنًا بين العلم والانضباط والقوة البدنية. لذا، حرص على تنشئة أبنائه في بيئة من المنافسة الشريفة، حيث نظم لهم مباريات في الفروسية والرماية والمبارزة، بالإضافة إلى ألعاب الذكاء والملاحظة، ليغرس فيهم روح التفوق ويصقل شخصياتهم بالصدق والصبر والانضباط.
صلاح الدين وملاعب الطفولة
في تلك الساحات الصغيرة، حيث تعالت ضحكات الطفولة وتلاقت أصوات الخشب خلال تدريبات المبارزة، كانت شخصية صلاح الدين تتشكل دون أن يدري. لم يكن هدف والده فقط إمتاع أطفاله، بل كان يُعدّهم لمستقبل يدرك تمامًا أنه لا يقبل الضعفاء. وكانت المنافسات مع إخوته، خاصة مع شقيقه الأكبر “توران شاه”، دافعًا يوميًا لتطوير الذات واختبار الروح القيادية وبناء جسد قوي قادر على التحمل والانتصار.
عرف صلاح الدين الأيوبي بقدراته العسكرية والقيادية، لكنه لم يكن معروفًا بمشاركته في “مسابقات رياضية” كما نعرفها اليوم. ومع ذلك، كان يمارس منذ صغره أنشطة بدنية تهدف إلى تعزيز قوته ومهارته الحربية.
ومن بين الأنشطة التي قد تشبه المسابقات الرياضية في زمن صلاح الدين:
المبارزات القتالية: اعتبرت المبارزات باستخدام السيوف والرماح وسيلة لاختبار القوة والشجاعة والمهارة.
سباق الخيل: كان الخيل جزءًا لا يتجزأ من الحياة العسكرية آنذاك، وكان يُتوقع من الفارس أن يكون ماهرًا في ركوبه والتعامل معه. قد يكون صلاح الدين وإخوته قد شاركوا في مثل هذه السباقات، خاصة في إطار التدريب العسكري.
الرماية: كانت الرماية بالقوس أحد الفنون الحربية المعتمدة بشكل كبير في الحروب، وبالتالي قد تكون إحدى الأنشطة التي يمارسها القادة العسكريون لتقوية مهاراتهم الحربية.
التدريبات البدنية: قد تشمل تقنيات رفع الأثقال، المشي لمسافات طويلة، وغيرها من الأنشطة التي تسهم في تطوير اللياقة البدنية.
صلاح الدين وتحرير القدس
عندما نضج صلاح الدين، لم تكن المعارك غريبة عليه. فقد تدرب جيدًا وتعلم في حروبه ضد الحملات الصليبية، حيث بدت تلك المعارك كأنها “لعبة شطرنج كبرى”، تتطلب الكثير من الحنكة والانضباط، بجانب القوة والحسم، والدهاء الذي تربى عليه منذ صغره.
شهد معاصروه أن تواضعه وثباته في أصعب المواقف لم يكن سوى انعكاسًا لسنوات من التمرين على تقبل الفوز والخسارة، والتعامل مع التحديات كفرص للنمو.
وقد كان تحرير القدس من يد الصليبيين في الثاني من أكتوبر عام 1187 ميلادي، الموافق 27 رجب عام 583 هجري، تتويجًا لجهود طويلة بدأت من بيت نجم الدين أيوب. ولعل أبرز ما يميز صلاح الدين هو أن فروسيته لم تكن تقتصر على القتال فقط، بل تضمنت نبلًا وإنسانية وقدرة على ضبط النفس، وهي صفات لا تُكتسب من ساحات الحرب، بل من دروس الطفولة.
تم تحرير القدس بعد انتصار جيش صلاح الدين في معركة حطين الشهيرة التي وقعت في 4 يوليو/تموز عام 1187 ميلادي، والتي مهدت الطريق لاستعادة المدينة بعد نحو 88 عامًا من احتلالها عام 1099 ميلادي.
تعليقات