
تجولت “اليوم”، ضمن وفد يضم عددًا من رؤساء تحرير الصحف السعودية، في حقل الشيبة في منطقة الربع الخالي خلال لقاء إستراتيجي رفيع المستوى يومي 23 و24 أبريل 2025. وقد حضر اللقاء عدد من كبار التنفيذيين في شركة أرامكو السعودية، في إطار برنامج متكامل صُمم لتمكين القيادات الإعلامية من الاطلاع على جوانب متعددة من أعمال أرامكو وإستراتيجياتها المتعلقة بمستقبل الطاقة، والاستدامة، والابتكار.
الناصر في لقاء مفتوح: تطورنا الصناعي والتشغيلي في أرامكو ساعدنا في إنتاج النفط بكفاءة عالية
خلال زيارة الوفد، أطلع رئيس شركة “أرامكو” السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، أمين الناصر، رؤساء التحرير على جوانب متنوعة من أعمال أرامكو وإستراتيجياتها المستقبلية في مجال الطاقة والاستدامة والابتكار. كما تطرق إلى الجهود الهندسية والتقنية الهائلة التي أدت إلى إنتاج النفط بكفاءة عالية، مما يعكس التطور الصناعي والتشغيلي الذي حققته أرامكو. تبرز هذه الزيارة التزام السعودية بتعزيز الانفتاح الإعلامي وبناء جسور قوية مع وسائل الإعلام المحلية. وقد أتاح البرنامج لرؤساء التحرير فرصة فريدة للحوار المباشر مع قيادات الشركة التنفيذية، مما عمق فهمهم لتوجهات أرامكو المستقبلية، مع التركيز على الأبعاد المؤسسية والاقتصادية والبيئية التي تدعم مشاريعها الكبرى. يمثل هذا النوع من اللقاءات امتدادًا لشفافية أرامكو، ويساعد في تأسيس منصة إعلامية أكثر تكاملًا بين الشركة ووسائل الإعلام، مما يعزز جسور التواصل الفعّال.
جولة ميدانية في حقل الشيبة.. أبرز مشاريع أرامكو في الربع الخالي
شمل برنامج اليوم الأول للزيارة جولة ميدانية في حقل الشيبة، الذي يُعتبر من أبرز مشاريع أرامكو في منطقة الربع الخالي، ويعد من أكبر الحقول النفطية في المملكة. تم اكتشاف الحقل عام 1968، إلا أنه ظل خامدًا لمدة ثلاثين عامًا بسبب التحديات الجغرافية القاسية. ومع ذلك، فإن التطورات التقنية التي شهدتها التسعينيات منحت الشركة القدرة على تجاوز هذه التحديات، حيث بدأ العمل على تطوير الحقل في عام 1995. تطلب إنشاء المشروع الضخم نقل 13 مليون متر مكعب من الرمال، وبناء طريقٍ بطول 386 كيلومترًا، بالإضافة إلى مطار كامل التجهيز، ومد خط أنابيب بطول 645 كيلومترًا، وحفر 145 بئرًا نفطية، وإنشاء ثلاث محطات لفرز الغاز عن الزيت. أنجز كل هذا العمل في 50 مليون ساعة عمل، ليدخل الحقل مرحلة الإنتاج عام 1998. وقد رفعت المرحلة الأولى من مشروع التوسعة الإنتاج إلى 750 ألف برميل يوميًا من النفط الخام عالي القيمة بحلول عام 2009، ثم ارتفع إلى مليون برميل يوميًا في عام 2016. كما أضاف مشروع استخلاص سوائل الغاز الطبيعي مصنعًا بسعة 2.4 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا، مما وفر كميات كبيرة من الإيثان، وهو عنصر أساسي للتنمية الصناعية.
محمية الحياة الفطرية في الشيبة.. تجربة تجمع بين التقنية والطبيعة
تضمن برنامج الزيارة أيضًا جولة حول محمية الحياة الفطرية في الشيبة، حيث تُظهر جهود الشركة في حماية التنوع البيئي. تمتد المحمية على أكثر من 600 كيلومتر مربع وتقع غرب مجمع الشيبة السكني والصناعي في الربع الخالي. تركز جهود أرامكو في المحمية على إعادة توطين الأنواع التي كانت موجودة في المنطقة سابقًا، مثل المها العربي والغزال الرملي والنعام، حيث نجحت الشركة في إعادة إدخال هذه الأنواع إلى المحمية في عام 2016. وتزدهر هذه الأنواع وتتكاثر في بيئة آمنة ومحمية. تنفذ أرامكو برامج لمراقبة الحياة البرية وأبحاث بيئية متطورة لفهم أفضل للنظم البيئية الصحراوية وكيفية حمايتها بشكل أكثر فعالية، مما يجعلها نموذجًا وطنيًا متطورًا في حماية التنوع البيولوجي، في تجربة تجمع بين التقنية والطبيعة.
تطوير الكفاءات الوطنية الشابة بمركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج
في اليوم الثاني من الزيارة، انتقل رؤساء التحرير إلى عددٍ من المراكز في الظهران، حيث اطلعوا على مسيرة التطوير والابتكار في عدد من المراكز المتخصصة. بدأت الجولة من مركز التطوير المهني للتنقيب والإنتاج، الذي يلعب دورًا أساسيًا في تطوير الكفاءات الوطنية الشابة في مجالات الجيولوجيا وهندسة البترول. يهدف المركز إلى تسريع بناء المهارات ونقل المعرفة إلى المهندسين والجيولوجيين الجدد، مستفيدًا من خبرات الكوادر المتخصصة في أرامكو. يوفر المركز مجموعة شاملة من البرامج التفاعلية المصممة لتقليل الوقت اللازم للمهندسين والجيولوجيين الجدد للمساهمة بشكل فعّال في وظائفهم، بالإضافة إلى دورات تدريبية في التطوير الهندسي المهني والتفتيش والاعتماد المهني. ويشتمل المركز على مرافق متطورة، منها بيئات تصوير رباعي الأبعاد تغمر الطلاب فعليًا داخل مكامن النفط والغاز في أعماق الأرض، بالإضافة إلى أجهزة محاكاة حفر واقعية تحاكي ظروف الحفر الفعلية، مما يمكّن المتدربين من اكتساب خبرة عملية. كما تتوفر أدوات محوسبة لتحليل عينات الصخور، مما يساعد في فهم التركيب الجيولوجي للمكامن. من خلال الجمع بين التدريس التفاعلي وحل المشكلات العملية، يُعدّ مدربو المركز الموظفين الشباب لمواجهة التحديات المستقبلية في صناعة الطاقة، مما يساهم في تطوير قطاع الطاقة في المملكة.
مركز الابتكار بقطاع التنقيب والإنتاج.. حلول ذكية وتسريع التحول الرقمي
واصل الوفد الجولة في مركز الابتكار بقطاع التنقيب والإنتاج، وهو منشأة متطورة تهدف إلى تطوير حلول ذكية لتحديات القطاع وتسريع التحول الرقمي. يركز المركز على زيادة اكتشاف واستخلاص المواد الهيدروكربونية، باستخدام تقنيات متقدمة مثل المساعد الافتراضي الذكي وتقنيات التجسيد المرئي لتحليل البيانات، مما يحسن عمليات الاكتشاف والاستخلاص. يعمل المركز على ضمان الموثوقية والسلامة، بالإضافة إلى تطوير حلول تنبؤية باستخدام خوارزميات التعلم الآلي؛ لمراقبة أصول الإنتاج والتنبؤ بأي أعطال محتملة في المعدات. كما يسعى المركز إلى تقليل التكاليف باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة إنتاج المياه، مما يؤدي إلى تقليل استهلاك الطاقة، وبالتالي تقليل التكاليف وانبعاثات الكربون.
مختبر الابتكار السعودي المتسارع للمشاريع الرقمية والابتكار
اطلع رؤساء التحرير على الحلول الرقمية التي تقدمها الشركة في المختبر السعودي للابتكار المتسارع. تم تدشين هذا المختبر كمرفق جديد مخصص للمشاريع الرقمية والابتكار، حيث يربط أصول أرامكو وقدراتها وتقنياتها التحويلية باحتياجات السوق. يُعتبر المركز منظومة متكاملة لتحفيز الابتكار التقني بالتعاون مع قطاعات حكومية مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وبرنامج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. يهدف المختبر إلى تحويل الأفكار المبتكرة إلى منتجات رقمية قابلة للتطبيق، وبناء منظومة رقمية متكاملة تجمع بين الخبرات الوطنية والعالمية وتعزز الاقتصاد الرقمي، وتستثمر في تقنيات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
بالذكاء الاصطناعي.. مركز الثورة الصناعية الرابعة بقطاع الطاقة
بعد ذلك، انتقل رؤساء التحرير إلى مركز الثورة الصناعية الرابعة، وهو منشأة متطورة تركز على تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في قطاع الطاقة. يهدف المركز إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز السلامة وخلق نماذج تشغيل جديدة. من أبرز التقنيات المعروضة استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة وتحسين عمليات اتخاذ القرار، وتقنيات تعلم الآلة التي تُستخدم في تطوير نماذج تنبؤية لتحسين الأداء وتوقع المشكلات المحتملة، بالإضافة إلى الروبوتات التي تم توظيفها لأتمتة العمليات المعقدة، وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز التي تُستخدم في التدريب والمحاكاة وتحسين عمليات التفتيش والصيانة.
مركز “إثراء”.. واجهة حضارية وثقافية لتمكين المجتمعات ونشر المعرفة
اختُتمت الجولة في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، الذي يُعد واجهة حضارية وثقافية عالمية تجسد أثر أرامكو في تمكين المجتمعات ونشر المعرفة. منذ افتتاحه للزوار في عام 2018، قدّم “إثراء” مجموعة واسعة من البرامج والفعاليات والمبادرات الثقافية والتعليمية محليًا وعالميًا، واستقطب أكثر من 3 ملايين زائر. اطّلع الوفد على مراكز ومرافق متنوعة، بما في ذلك مكتبة “إثراء” التي تُعتبر من أكبر المكتبات العامة في المنطقة، حيث تضم أكثر من 326,000 كتاب باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى مصادر رقمية متنوعة، وتوفر مساحة هادئة للقراءة والبحث وتنظم فعاليات ثقافية متنوعة. كما تفقد الوفد متحف “إثراء”، الذي يستعرض تاريخ وثقافة المملكة بدءًا من العصور القديمة وصولًا إلى العصر الحديث من خلال معروضات تفاعلية وأعمال فنية مميزة. واطلع الوفد أيضًا على المبادرات الثقافية والتعليمية التي ينفذها المركز ودوره في ربط الثقافة بالتقنية وتعزيز الإبداع الفكري لدى الأجيال القادمة.
30 أبريل 1935.. حفر بئر الدمام رقم “1”.. قصة مجد وازدهار للعالم بأسره
في مثل هذا اليوم “30 أبريل 1935″، بدأ حفر بئر الدمام رقم 1، الخطوة الأولى التي غيّرت مستقبل المملكة. تسعون عامًا مضت منذ أن أقيم أول برج حفر في أرضٍ أصبحت مهد الطاقة. من مجرد حلم في الصحراء إلى قصة مجد وازدهار للعالم بأسره.
تعليقات