Site icon السعودية نيوز

جورج بيست: قصة أسطورة كرة القدم من النجاح إلى معاناة الإدمان

“عندما كنت ألعب لفريق أزتيك الأميركي، كان لديّ منزل قريب من البحر، لكن للوصول إلى الشاطئ كان عليّ المرور بحانة، لم أرَ البحر قط”، لم تكن هذه الكلمات الشهيرة لأسطورة مانشستر يونايتد، جورج بيست، مجرد عبارات عابرة، بل كانت تعكس بشكل كبير حياة النجم الكروية والشخصية.

يعتبر جورج بيست، أيقونة كرة القدم في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، واحداً من أفضل اللاعبين في تاريخ اللعبة، وملهماً للشباب في تلك الفترة، على الرغم من أن حياته الشخصية شهدت تقلبات صاخبة، حيث كانت مزيجاً من الإبداع والإدمان على الكحول وارتياد الحانات والملاهي.

لم تكن قصة إبداع جورج بيست وموهبته المبكرة بعيدة عن حياة البذخ والمجون خارج الملاعب، إذ كان النجم الأيرلندي محبوباً لجماهير الكرة في أوروبا وأحد أعظم لاعبي جيله.

موهبة مبكرة وأرقام مذهلة

وُلِدَ جورج بيست في بلفاست، عاصمة أيرلندا الشمالية، في 22 مايو/أيار 1946، وهو أكبر بين أربعة إخوة وله شقيق واحد، وكانت والدته لاعبة هوكي على العشب، لكنها اعتزلت الرياضة عند بداية الحرب العالمية الثانية، بينما كان والده لاعب كرة قدم هاوياً.

ظهرت موهبة بيست في سن مبكرة، حيث كان يلعب لنادي كريغاج بويز في بلفاست منذ سن الـ13، وهو الفريق الذي ارتدى ألوانه بين عامي 1958 و1963، ولفت انتباه كشاف مانشستر يونايتد بوب بيشوب، بجانب لاعب آخر هو إريك ماكموردي، حين أرسل برقية إلى المدير الفني للمان يونايتد مات بوسبي قائلاً: “لقد وجدت لك موهبتين، الأولى جيدة والثانية جوهرة حقيقية”.

في عام 1961، وبعمر 15 سنة، انضم بيست إلى فرق الشباب في مانشستر يونايتد، وفي أول مباراة له مع الفريق الأول، علق مدربه بوسبي بحماس: “لدينا فتى أيرلندي هنا يُدعى بيست، وإذا لم ترَ شيئاً عبقرياً في حياتك، تعال إلى هنا”.

استمرت قصة النجاح المذهل لجورج بيست عندما حقق أعظم إنجازات مسيرته الكروية في عام 1968، بتتويجه بدوري أبطال أوروبا، وسجل أحد أهداف فريقه في النهائي أمام بنفيكا، ليصبح فريق الشياطين الحمر أول ناد إنجليزي يفوز بتلك البطولة على الإطلاق.

استطاع جورج بيست أن يأسر قلوب عشاق كرة القدم في أوروبا سريعاً، فقد كان لاعب جناح أيسر هدافاً حاسماً ومراوغاً بارعاً، ولا تزال الأهداف الستة التي سجلها في مباراة اليونايتد ضد نورثامبتون بكأس إنجلترا (8ـ2) مسجلة في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر عدد من الأهداف للاعب في مباراة رسمية واحدة.

امتدت مسيرة بيست الاحترافية لما يقارب عقدين من الزمن، لكنها كانت رحلة مليئة بالصراعات والمشاكل، لدرجة أن الكثيرين يعتبرون أن مشواره كلاعب انتهى بنهاية تجربته مع مانشستر يونايتد في موسم 1973ـ1974.

خلال السنوات الـ11 التي قضاها في صفوف مانشستر يونايتد، بين عامي 1963 و1974، خاض النجم الأيرلندي 474 مباراة سجل خلالها 180 هدفاً، وكان تأثيره واضحاً في صناعة أمجاد النادي الكروية، حيث توج ببطولة الدوري الإنجليزي في 1965 ثم 1967 ودوري أبطال أوروبا في 1968.

Remembering legend George Best, who would have turned 74 today ❤️

— Manchester United (@ManUtd)

نال بيست جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في أوروبا عام 1968، كما تم اختياره كأفضل لاعب في إنجلترا في العام ذاته، وأفضل لاعب في تاريخ مانشستر يونايتد في القرن الـ20.

حقق بيست شهرة واسعة في صفوف الشياطين الحمر، لكنه غادر النادي عام 1974 بعد أن تورط في قضايا إدمان الكحول وارتياد الحانات وتكرار حادثة قيادته سيارته وهو ثمِل، بجانب تراجع مستواه، لتنتهي تجربة أحد أعظم اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي رغم معارضة جماهير اليونايتد التي كانت ترى فيه لاعباً يضاهي الأسطورة البرازيلية بيليه.

حياة صاخبة ثم اعتزال

بعد مغادرته مانشستر، انضم بيست، الذي مثل أيرلندا الشمالية في 37 مباراة وسجل 9 أهداف، إلى أندية أيرلندية وإنجليزية أخرى مثل فولهام (1976) وستوكبورت كاونتي (1975) وبورنموث (1983).

كما لعب في الدوري الأميركي مع فريق لوس أنجلوس أزتيك (1977ـ1978) وفورت سترايكرز (1978 ـ1979) وسان جوزيه (1980 ـ 1982)، بجانب تجارب أخرى قصيرة كان آخرها مع فريق نيونياتون بوراو عام 1983، ليودع الملاعب نهائياً بعد مسيرة مذهلة وصاخبة.

كانت مسيرة أسطورة مانشستر يونايتد الكروية متداخلة مع حياة المجون وإدمان الكحول، لدرجة أن سنواته الأخيرة في الملاعب كانت تشير في كل مرة إلى اقتراب اعتزاله.

عانى جورج بيست من مشاكل صحية قبل وفاته بسبب إدمان الكحول (الفرنسية)

ألحق نمط حياة جورج بيست ضرراً كبيراً بمسيرته الكروية، لكنه لم يمنع من كونه مصدر إلهام للعديد من اللاعبين الشباب، بل تحول إلى أيقونة للشركات التجارية، وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي أصبح أول لاعب يتعاقد مع شركة أميركية ليصبح “موديل” لإعلاناتها.

تزوج بيست مرتين، من عارضة الأزياء الأميركية أنجي ماكدونالد ثم أليكس بيست التي انفصل عنها قبل عام من وفاته، لكنه عُرف بعلاقته مع ملكة جمال العالم 1973، مارغوري والاس.

معاناة صحية ووفاة مبكرة

لم يقلع جورج بيست عن تعاطي الكحول بعد اعتزاله الكرة، ورغم المشاكل الصحية الكبيرة التي واجهها نتيجة الإدمان، فإنه استمر في نمط حياته الصاخب مما أدى إلى إصابته بتلف الكبد، وأجرى في عام 2004 عملية لزراعة الكبد، ومن المفارقات أنه احتفل بنجاح العملية بأكواب من الكحول.

تكررت دخول بيست إلى المستشفى بسبب أعراض الإنفلونزا ونزيف داخلي، حتى توفي في مستشفى كرومويل غرب لندن يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 عن عمر 59 عاماً.

أقيمت مراسم جنازة رسمية لجورج بيست في 3 ديسمبر/كانون الأول 2005، حضرها نحو 100 ألف شخص من بينهم العديد من زملائه السابقين في منتخب أيرلندا الشمالية، وتم نقل مراسم تشييع جثمانه مباشرة عبر القنوات التلفزيونية قبل دفنه في مقبرة عائلية في بلفاست.

بعد بضع سنوات، تم تخليد ذكرى أسطورة كرة القدم بتحويل اسم مطار بلفاست الدولي إلى مطار “جورج بيست الدولي”، كما أطلقت شركة طيران كبرى اسمه على إحدى طائراتها، وتم تشييد تمثال له في وسط العاصمة بلفاست.

Exit mobile version