
برزت اتفاقية الكويز من جديد بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية تقدر بـ10 في المئة على البضائع المصرية المصدرة إلى السوق الأميركية، حيث يرى البعض أن هذه الاتفاقية تمنح فرصة للتصدير إلى الولايات المتحدة بأسعار تنافسية.
تتيح الاتفاقية المعروفة بالمناطق الصناعية المؤهلة «الكويز»، التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2005، دخول المنتجات المصرية إلى السوق الأميركية دون دفع جمارك، بشرط أن تحتوي على مكون إسرائيلي بنسبة معينة تبلغ 10.5 في المئة حالياً. ويعتبر قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة هو المستفيد الأكبر من هذه الاتفاقية.
وهذا يعني أن المنتجات المصرية التي تُصنع في هذه المناطق تستفيد بفضل ما يسميه أرباب الكويز في مصر بمعادلة (صفر + 10 في المئة)، أي إعفاء الكويز + 10 في المئة رسوم ترامب.
وقد دفعت النسبة الضئيلة للجمارك الكثير من رجال الأعمال الأجانب لزيارة مصر في الأسابيع الأخيرة لاستكشاف إمكانية التصنيع فيها والاستفادة من الفرصة التي توفرها اتفاقية الكويز ونسبة ترامب المنخفضة.
وفي حديث خاص لـ«»، أكد فاضل مرزوق، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة ورئيس مجلس إدارة شركة جيزة للمنسوجات، وهو أحد المصانع العاملة ضمن اتفاقية الكويز، أنه «استقبل نحو 15 مستثمراً أجنبياً في الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث جاءوا للبحث عن قدرات إنتاجية شاغرة في هذه المصانع لاستغلالها والإنتاج في مصر بدلاً من بلدانهم التي فرض عليها ترامب رسوماً حمائية كبيرة».
وأغلب الذين جاءوا لاستكشاف الفرص في مصر قدموا من الصين والهند وبنغلاديش وكامبوديا وإندونيسيا، بحسب مرزوق. ويشير رجل الأعمال الأربعيني إلى أنه يمتلك مجموعة من مصانع الملابس الجاهزة في عدة محافظات، بحجم عمالة كلي يبلغ نحو 10 آلاف عامل، نصفهم في مصنع بإحدى ضواحي الجيزة، وهو المصنع الأساسي الذي انطلق في عام 1979 في نهايات حكم الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، والذي تبنى سياسة انفتاح اقتصادي في عام 1975، والتي كانت بمثابة ضوء أخضر لعودة القطاع الخاص إلى مصر وبداية للفصل عن السياسات الاشتراكية التي تبنتها الدولة منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين.
أخبار ذات صلة
ويؤكد مرزوق أن حجم تصدير شركته للولايات المتحدة يشهد نمواً منذ انتشار جائحة كورونا في عام 2020، ويتوقع أن يصل النمو هذا العام إلى نحو 30 في المئة، وهذا دون النظر إلى قرارات ترامب الجديدة.
وقال هاني قسيس، الرئيس السابق لمجلس الأعمال المصري الأميركي، في لقاء مع «» إن تعريفات ترامب الجمركية تمنح فرصة لمصر شريطة وجود طاقات إنتاجية شاغرة.
وأكد قسيس أن الحكومات المتعاقبة على إدارة مصر في السنوات الثلاثين الماضية لم تقم بتوفير الطاقات الإنتاجية اللازمة استعداداً لهذه اللحظة، وأن من سيستفيد هم من قاموا بزيادة قدراتهم الإنتاجية.
وقسيس، الذي لا يقوم بالتصدير في إطار اتفاقيات الكويز، فقد استقبلت مصانعه طلبيات من الولايات المتحدة بنحو ثلاثة أمثال في الأيام التي تلت إطلاق ترامب للرسوم الجمركية الإضافية.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت على الصين وبنغلاديش والهند وإندونيسيا رسوماً جمركية كبيرة، بينما فرضت على الصادرات المصرية رسوماً تقدر بـ10 في المئة فقط، وهي نسبة ستؤدي، بحسب المتفائلين، إلى إعادة توطين بعض الصناعات في مصر، وخاصة الملابس الجاهزة، نظراً لاستعداد القطاع لاستقبال المنتجات التي فقدت تنافسيتها في شرق آسيا وشبه القارة الهندية.
في النهاية، لا يعرف قسيس بعد إذا ما كان سيتلقى عروضاً لإنتاج أحذية لحساب شركات إنتاج الأحذية الرياضية العالمية مثلما ينتج مرزوق لحساب زارا وتومي هيلفيغر وجيس وولمارت، أم أنه سيكتفي بتكبير منتجه المحلي مستغلاً الطاقات الإنتاجية المتاحة في مصنعه والاستفادة من الطلب الكبير الذي يأتي لمصر بفضل انخفاض تعريفات ترامب التي تبلغ فقط 10 في المئة، والتي ربما يعود السبب وراء تواضعها إلى ميل الميزان التجاري بين مصر والولايات المتحدة لصالح واشنطن بفارق يبلغ ملياري دولار.