
أثارت التحديثات الأخيرة التي أجرتها وزارة العدل السعودية على آلية التعامل مع قضايا الخلع تفاعلاً واسعاً، خصوصاً بعد إزالة خيار “الخلع” من بوابة ناجز العدلية وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مطلعة أن هذه الخطوة لا تعني إلغاء دعاوى الخلع من النظام القضائي، بل تشير إلى تحول جذري في الطريقة التي تُعالج بها هذه القضايا.
وفقاً للمصادر، فإن التحول جاء تنفيذاً لما نصت عليه المادة 96 من نظام الأحوال الشخصية، والتي توضح أن الخلع يجوز باتفاق الطرفين الكاملين للأهلية دون الحاجة إلى تدخل قضائي، ما دام هناك تراضٍ بين الزوج والزوجة على إنهاء العلاقة الزوجية.
وقد أكدت المصادر أن وزارة العدل لم تلغِ دعاوى الخلع، بل غيّرت من طريقة معالجتها، حيث لم تعد تعتبر منازعة تُعرض على المحكمة، بل تحولت إلى إجراء توثيقي يُتم عبر منصات إلكترونية مخصصة، مثل منصة التوثيق ومنصة “ناجز”، بشرط استيفاء جميع المتطلبات النظامية.
وفي هذا الإطار، أوضحت المحامية شهد الأحمدي أن اللبس الحاصل في الأوساط القانونية والإعلامية خلال الأيام الماضية جاء نتيجة غياب التفسير الدقيق لهذا التحول، مشددة على أن الخلع لا يزال قائماً كإحدى صور إنهاء العلاقة الزوجية، إلى جانب الطلاق والفسخ.
وأضافت الأحمدي أن نظام الأحوال الشخصية يميز بين ثلاث حالات رئيسية لانفكاك العلاقة الزوجية: الطلاق الذي يقع بإرادة الزوج، والفسخ الذي يمكن أن يطلبه أي من الزوجين حال تعذر استمرار الحياة الزوجية، وأخيراً الخلع، الذي يتم باتفاق الطرفين مقابل تعويض مالي غالباً ما يكون بإعادة المهر أو جزء منه.
وشددت المحامية على أن ما حدث ليس إلغاءً للخلع، بل هو تعديل في الإجراء فقط، حيث أصبح بالإمكان توثيق اتفاق الخلع بين الزوجين خارج المحكمة، طالما توافرت شروط التراضي بين الطرفين أما في حال رفض أحد الزوجين الخلع، فإن القضية تُحال للمحكمة ويُنظر فيها كطلب فسخ نكاح، نظراً لاختلال شرط التراضي.
وتابعت الأحمدي بأن هذا التعديل يهدف إلى تخفيف العبء عن المحاكم السعودية، وتقليص عدد القضايا المنظورة، بما يسمح للقضاء بالتركيز على النزاعات الفعلية التي تتطلب حكمًا قضائيًا وأشادت بالجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة العدل في تطوير المنظومة العدلية وتعزيز كفاءة الإجراءات، من خلال التحول الرقمي وتقديم خدمات متطورة تسهم في تسريع البت في القضايا.
كما نوهت إلى أهمية منصة “تراضي” التي ساهمت بدور كبير في معالجة الخلافات الأسرية ودعم مفاهيم الصلح والتفاهم، مشيرة إلى أن التعديلات الجديدة تنسجم تمامًا مع روح نظام الأحوال الشخصية، وتهدف إلى تعزيز استقرار الأسرة والمجتمع، من خلال تسهيل إجراءات إنهاء العلاقة الزوجية بشكل منظم ومرن، بعيدًا عن التعقيدات القضائية غير الضرورية.
وتجدر الإشارة إلى أن التوجه الجديد يعكس فهماً متقدماً لطبيعة الخلع كاتفاق رضائي لا يتطلب نزاعًا، وبالتالي يُعالج بتوثيق قانوني عوضاً عن رفع دعوى وهو ما يعزز من مرونة النظام القضائي السعودي ويواكب تطلعات المجتمع في تسريع الإجراءات وتحقيق العدالة الأسرية بطريقة أكثر فاعلية.